تحت شعار: “القراءة نافذة الذات على العالم” وفي إطار فعاليات “المنتدى الثاني للقراءة والإبداع”، نظم “الراصد الوطني للنشر والقراءة”، بتنسيق مع “جمعية مبدعي ابن سليمان الروداني” مساء يوم الجمعة 16 دجنبر 2016، ندوة: «نحو تجديد القراءة لشعرنا القديم من خلال كتاب: “آليات الهزل وخصائصه في شعر المقلين في العصر العباسي للباحث عبد الكريم الفزني» التي احتضنتها الخزانة البلدية بتارودانت.
وقد عرفت الندوة مشاركة الباحث الشريف آيت البشير(الصويرة) بورقة عنونها بـ «القيمة المضافة للبحث في شعر المقلين: قراءة في كتاب عبد الكريم الفزني “آليات الهزل وخصائصه في شعر المقلين في العصر العباسي”»، اعتبر فيها الكتاب دعوة لإعادة كتابة التاريخ العربي الوسيط عن طريق الانصات إلى آنات المستضعفين، إذ يرسم الكتاب مجموعة من المفارقات بين الشعر المشهور والمنسي، فالأول نخبوي تتذوقه الخاصة في حضرة الحكام، أما الثاني فهو موجه إلى الفئة العريضة التي تعاني من الفاقة والتهميش، لأنه يعتمد على الهزل والسخرية من المركزية الحاكمة، ما يعرضهم إلى المتابعة والتنكيل والتصفية، مشيرا أن الباحث الفزني من خلال كتابه يحمل النقد العربي قسطا من المسؤولية تجاه هذه الوضعية حين أهمل هذا الصنف من الشعر ولم يلتفت إليه على شكل تواطؤ مكشوف مع الإيديولوجيا الحاكمة. وفي الورقة نفسها، يضيف الباحث آيت البشير أن الكتاب يعتبر نوعا من الاعتراف بإبداعية شعر المقلين الصفة التي كانت مفروضة عليهم لأسباب خارج مدار الشعرية هو عمل أيضا فيه التفاف إلى الظل والمنسي، إذ ينقل التجربة لدى المقلين من مسألة الإيقاع إلى الحالات القصوى للانزياح والخرق الشعريين عبرهما تنطر السخرية السوداء والعجائبية.
وتحدث الباحث بوبكر برزوق (أولاد تايمة) في ورقته عن تنوع المصادر التي اعتمد عليها الكاتب عبد الكريم الفزني في كتابه من مصنفات ونوادر ومجاميع وفهارس وكتب الطبقات القديم منها والحديث. ثم قدم قراءة في فصول الكتاب، الذي تناول في فصله الأول إشكالية الشعراء المقلين، معرفا المقل ومميزا بينه وبين المشهور، باحثا عن أسباب ذكرهم من عدمه. وكانت المناسبة سانحة للمؤلف ليقربنا من خصائص شعر المقلين، في حين ركز الكاتب في الفصل الثاني على مفهوم السخرية وأنواعها وتحديد وسائلها تنظيرا وتطبيقا، كما تضمن الكتاب مفهوم الهجاء وعلاقته بالضحك والهزل وآلياته في توليد الضحك في شعر المقلين، من قبيل: إظهار العيوب الخِلقية والخُلقية، والتعريض، والتصوير الكاريكاتوري، وأبرز علاقته بالضحك والهزل، وجلاه في شعر المقلين من خلال سبع آليات: الجناس وأقسامه وأنواعه، والزيادة والنقص في الكلمات، أما الفصل الثالث فقد أفرده الكاتب للحديث عن خصائص الهزل والضحك في شعر المقلين، وكان من سمات شعر المقلين – حسب الكتاب – أنهم طرقوا الهزل في شعرهم بأغراضه الجادة والهازلة.
وبعد الاستماع إلى المداخلتين، أعطيت الكلمة للباحث عبد الكريم الفزني، شكر فيها الراصد الوطني للنشر والقراءة على إخراج الكتاب للوجود والاحتفاء به نقديا، كما شكر جمعية مبدعي ابن سليمان الروداني على الاستضافة وحيى الحضور الذي يشاركه لحظة الاحتفاء بكتابه “آليات الهزل وخصائصه في شعر المقلين في العصر العباسي”، ثم عن دواعي تأليف هذا الكتاب الذي يتمناه منطلقا لدراسات أخرى في هذا الموضوع لأنه يستحق المزيد من البحث والمقاربة، ثم فتح باب النقاش أمام الحضور النوعي الذين ساهموا بأفكارهم وتساؤلاتهم في إغناء الندوة.
واختتمت الندوة التي عرفت حضورا نوعيا من مبدعين ونقاد وإعلاميين وأساتذة وطلبة وتلاميذ بتوقيع كتاب: “آليات الهزل وخصائصه في شعر المقلين في العصر العباسي” للباحث عبد الكريم الفزني.