الراصد الوطني للنشر والقراءة موقع ثقافي أدبي
استضافت المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال (طنجة) مجموعة من اللقاءات الأدبية والثقافية في إطار “المعرض الوطني الرابع للإبداع والكتاب”، الذي نظمه “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بمشاركة ثلة من المبدعين والنقاد المغاربة، حيث تخلل المعرض توقيع مجموعة من الإصدارات في القصة والشعر والنقد، خلال الفترة الممتدة من 23 إلى 27 دجنبر 2017.
“خلف الباب أمنية” للقاصة خديجة موادي
كان عشاق الحرف زوال يوم الأحد 24 دجنبر 2017، على موعد مع حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية “خلف الباب أمنية” للقاصة خديجة موادي، وقد حظيت المجموعة بقراءة نقدية للباحث سعيد موزون وسمها بـ: «المتخيل وخطاب الشخصية في “خلف الباب أمنية”»، تناول فيها مجموعة من المحاور: 1ـ إعلان الشخصية عن مواقفها من الواقع ورؤيتها للعالم والوجود، 2ـ التفاعل بين المرجعي والتخييلي وتعبير الشخصية عن تجاذبات الواقع والتخييل، 3ـ تكسير تعاقبية السرد وخطيته، 4ـ تعددية الشخوص والأصوات وتنوعها وتداخل الخطابات، 5ـ توظيف الشخصية الدينامية بدل الشخصية المسطحة الثابتة لتعكس اضطرابات الواقع الاجتماعي، 6ـ اشتغال المنجز السردي على انزياحات اللغة وشعريتها، وخلص في ختام ورقته إلى أن الفعل الحكائي في قصص المجموعة يتحرك وفق استراتيجية نصية تقوم على المفارقات المتولدة من الانشطار النفسي للشخصية وترسم الواقعَ المغربي المهمش واليومي البئيس، كما تلتقط صراع المرأة مع القيم الزائفة والأماني المتبخرة، والاختلالات التي تطبع الواقع العنيد بما في ذلك التحرش الجنسي والحب والزواج والخيانة.
كما ساهم الباحث عبد الله استيتو بورقة وسمها بـ«جدلية الحب والموت وتجليات التجريب في الكتابة القصصية “خلف الباب أمنية” نموذجا» ركز فيها على تجليات الحب والموت كتيمة أساسية في المنجز القصصي، حيث يحضر الموت المتعدد في شقه المادي والمعنوي في تجادل مع الحب وبطرائق تعبير سردية متنوعة، كما تناول في ورقته تجليات الكتابة التجريبية في “خلف الباب أمنية”، حيث اعتبر قصص المجموعة تجربة فنية تبحث عن تيمات ودلالات لها راهنيتها ومستوحاة من الواقع المعيش مكسرة نمطية الكتابة التقليدية عبر اجتراح طرائق مغايرة في السرد، مشيرا إلى توظيف تقنية التشذير كخيار ابستمولوجي واع، باعتباره رؤية للعالم وللذات بمدخل جمالي من جهة، ومن أجل تحقيق كينونة القصة في بعدها التجريبي كتقنية تخرج عن المألوف والنمطية وتنشد الانزياح من جهة أخرى.
“Sables Fuyants” للشاعر محمد بنفارس
وفي اليوم نفسه، احتفى “رونق المغرب” بديوان: “Sables Fuyants” للشاعر محمد بنفارس، ساهم في مقاربته الباحث محمد الجرطي بورقة وسمها بـ: «الإبداع الشعري بين الجمالية والبعد الاجتماعي في ديوان: “رمال هاربة”»، حيث ركز فيها على قدرة الشاعر على التحليق بين ثنايا اللغة واستلهام جمالها لمعانقة معاني الوجود والبحث عن الحرية والحب وسط ظلام هذا العالم المترع بالمآسي. معتبرا قصائد الديوان مغامرة لغوية وأدبية محورها الإنسان المنجذب إلى آفاق أرحب رغم السواد الذي يلفح وجودنا البشري، مركزا على تيمة الحب التي تبدو تيمة جوهرية على اعتبار أن الحب هو الذي يمنح معنى للوجود ويضفي على سائر القيم الأخرى كل ما لها من قيمة. وخلص في نهاية ورقته إلى أن الديوان احتفاء بلغة شعرية أضفت بعدا استيتيقياً على الكتابة التي تجسد في هذا العمل مسيرة الإنسان التواق إلى الترحال في أسرار الوجود.
وفي ورقة موسومة بـ «الصور الجمالية وأفق التلقي قراءة في ديوان “رمال هاربة”» تناولت الباحثة أحلام النويور، السياق الأدبي السوسيوثقافي المغربي المعاصر وهو السياق الذي يستلهم الديوان منه قصائده، ثم تطرقت لدراسة التيمات المتعددة المهيمنة على الديوان مثل الحب، وأبعاده الإنسانية والكونية وجمالية التلقي من خلال ديوان “رمال هاربة” للشاعر محمد بنفارس.
“أسئلة نشأة السردية العربية الحديثة” للباحث أحمد الجرطي
اختتم اليوم الثاني من فعاليات “المعرض الوطني الرابع للإبداع والكتاب” بحفل تقديم كتاب: “أسئلة نشأة السردية العربية الحديثة” للباحث أحمد الجرطي، شارك في تقديمه الباحثان عبد الله لحميمة وهشام بن الهاشمي بورقتين ركزتا على أهمية الكتاب من حيث تناول إشكالية نشأة السردية العربية الحديثة ومساءلة نشأة الرواية العربية وإن كانت ذات منشأ عربي خالص أم قادمة من الحقل الغربي، كما تطرقت الورقتان إلى ملامسة محاور الكتاب: 1ـ نظرية الرواية في النقد الغربي بين سوسيولوجيا الأدب عند جورج لوكاتش وميخائيل باخثين وبيير زيما وخطاب ما بعد الكولونيالية عند إدوارد سعيد، 2ـ إشكاليات نشأة السردية العربية الحديثة في ضوء التنظير النقدي العربي السوسيولوجي والذي تضمن آراء مجموعة من الباحثين: محمد برادة، فيصل دارج، جابر عصفور، يمنى العيد، 3ـ أسئلة نشوء السردية العربية الحديثة في ضوء خطاب ما بعد الكولونيالية عند الناقد العراقي عبد الله إبراهيم الذي تطرق في مقاربته إلى الرواية إشكاليات التجنيس والتمثيل وتكون الرواية العربية من تحلل المرويات السردية إلى إعادة تفكيك سؤال الريادة.
“مقهى الفنون” للقاص محمد زيطان
تجسيدا لشعار المعرض: “الكتاب مسؤوليتنا جميعا”، احتفى “رونق المغرب” مساء يوم الاثنين 25 دجنبر 2017، بالمجموعة القصصية “مقهى الفنون” للقاص محمد زيطان، ساهم في مقاربتها القاص محمد سدحي بورقة حملت عنوان «”مقهى الفنون” للأديب والمسرحي محمد زيطان: حيوات أخرى ممكنة على هذه الأرض» ركز فيها على كون المجموعة تستند إلى تجربة إبداعية خصبة خاصة في المسرح ساعدته في التملص من قبضة ونمطية المعايير الكلاسيكية المجترة وارتياد آفاق أرحب، تتميز بالجرأة الأدبية والتجريب على مستوى تقنيات الكتابة واختيار المواضيع واختلاق الشخصيات التي يوهمنا الكاتب أنها واقعية، يستعين بخدع السينما في تقطيعها وتقديمها على شكل صور بانورامية في مستهل كل نص قصصي تقريبا.
وحول المجموعة نفسها، شارك الباحث حميد البقالي بورقة وسمها بـ «الحجاج بالسرد أو فتنة تواشج السرد والمجاز والفنون في قصص “مقهى الفنون”» استهلها بالحديث عن أشكال تجنيس نصوص المجموعة، قبل أن يتطرق إلى تصور حجاجية السرد انطلاقا من: 1ـ حضور الحجاجية في مكون العناوين بوظيفتها: الإنباء وكونها بوارق سابقة تفتح أفق انتظار القارئ، 2ـ حضور الحجاجية في خطاب الشخصيات وتصوير نماذج بشرية، ثم انتقل للحديث عن تواشج السرد على المجاز بما هي لغة ثانية تفاعل فيها الجمالي مع مكونات السرد، وختم ورقته بالتطرق إلى حجاجية الموقف انطلاقا من مسرحة الأحداث والسخرية…
وتأتي هذه الحفلات في سياق الاحتفاء بالكتاب المغربي والرقي به ومد الجسور بين القارئ والكاتب من جهة وترويج للكتاب إعلاميا ونقديا من جهة أخرى وهو تقليد سنوي دأب عليه “الراصد الوطني للنشر والقراءة” منذ تأسيسه.
