استضافت دار المحامي بطنجة، ثلة من المبدعين والباحثين والمحامين والمهتمين بالشأن الثقافي، للاحتفاء بديوان الشاعر/ المحامي محمد الجيدي الأخير “كما تغيب في القمر السماء” في جلسة أدبية نظمها الراصد الوطني للنشر والقراءة بتنسيق مع هيئة المحامين، مساء يوم السبت 13 أبريل 2019، بمشاركة الباحثين: عبد الهادي موادي ومحسن الطيب، وتنشيط الشاعر العربي غجو، وبحضور الشاعر محمد الجيدي ونقيب هيئة المحامين السيد إبراهيم السملالي.
واستهلت الجلسة الأدبية بكلمة الأستاذ إبراهيم السملالي (نقيب هيئة المحامين) نوه فيها بتجربة الشاعر/المحامي محمد الجيدي، ورحب فيها بالراصد الوطني للنشر والقراءة وبكل الحضور الكرام الذين حضروا للمشاركة في هذه الاحتفائية، ثم أعلن الشاعر العربي غجو عن انطلاق فعاليات تقديم ديوان “كما تغيب في القمر السماء” بكلمة تأملية وانطباعية حول الديوان المحتفى به لفتح شهية النقاش وإضاءة مختلف جوانبه.
وساهم الباحث عبد الهادي موادي بورقة وسمها بـ«فسيفساء الكتابة الشعرية عند محمد الجيدي من خلال ديوان “كما تغيب في القمر السماء”» تطرق فيها إلى دلالة العنوان في الديوان فه غالبا مأخوذ من جمل وكلمات ومقاطع نصية: (1- عبارة عن كلمات: وقفة، عبث، غربة…، 2- جمل قصيرة غير تامة المعنى: ارتعاش الماء، صبر الماء، صمت الظلام…، 3- جمل شبيهة بالمقطع الشعري: وازدانت حروفك بماء الظل، أغنية المصباح الضئيل…) وهي عناوين تبرز تنوعا في الصياغة والرؤيا التي يبلورها كل عنوان على حدى وتنوعا على مستوى الكلمات التي يتشكل منها كل عنوان، إذ يضعنا الشاعر امام لحظات الاندهاش والتفكير والتأمل الطويل والفضول الذي يلاحقنا أثناء تصفح الكتاب، كما تناول في ورقته حضور الحزن والألم في معظم قصائد الديوان، انطلاقا من المعاني والدلالات المتعددة (مكان غامض، وداع أخير، اندثار..) مستشهدا ببعض المقاطع الشعرية، مشيرا إلى فسيفساء التحولات، ركز فيها على سيرورة من التحولات التي لابد منها حسب الشاعر (التحول من الصغر إلى الكبر، من الفرح إلى الحزن، من الحياة إلى الموت، من الفراغ إلى الامتلاء…) والتي يطالب فيه الشاعر من الذات المبدعة الخروج من حيزها الضيق إلى حيز أكبر رحابة وهي تحولات شعورية نفسية تجعل الشعر يؤدي رسالة السمو بالنفس البشرية عن كل المضايق.
وقد تناول الباحث محسن الطيبي في ورقته التي وسمها بـ«شعرية الانزياح في تجربة الشاعر محمد الجيدي من خلال ديوانه الموسوم بـ”كما تغيب في القمر السماء”»، ظاهرة الانزياح لما لها من تجليات فنية ودلالية وأبعاد جمالية، سعى الشاعر من خلال توظيفها إلى إبهار المتلقي وشده لتجربته متوسلا بهذه الظاهر البلاغية. ثم تطرق إلى تفكيك مكونات العنوان باعتباره كينونة مصاحبة للنص/المتن، مشيرا أن الشاعر يعيد من خلال هذا العنوان –كما تغيب في القمر السماء- إنتاج المعنى الجمالي الواسع المتسع للعبارة الضيقة، كما تحدث في ورقته عن حضور البعد الصوفي في بعض النصوص كإشارات واضحة للعمق الروحي للشاعر محمد الجيدي ويتجلى هذا الحضور قوية في قصيدة “رفيقي… مرافقي” وهو نوع من الاستغراق والذوبان واستمداد البقاء ببقاء الآخر والفناء فيه، إلى جانب توظيف المعجم الصوفي (الأسرار، العارف، الهوى، صوفيات، الصفاء، التقرب…) والحقل الدلالي الذي يحيل بالضرورة إلى الوجود والكينونة مثل ثنائية الموت والحياة.
وفي كلمة بالمناسبة، شكر الشاعر محمد الجيدي الراصد الوطني للنشر والقراءة وهيئة المحامين بطنجة على الاحتفاء، كما شكر الباحثين على إضاءات جوانب مختلفة من ديوانه الشعر، ثم قرأ مختارات شعرية من ديوانه القادم، ثم فتح باب النقاش في وجه الحضور النوعي الذي ساهم بتساؤلات وشهادات حول تجربة محمد الجيدي الشعرية.
واختتمت الجلسة الأدبية بتسليم هدايا رمزية من طرف الأستاذ هشام المرابط (عضو المكتب الوطني لرونق المغرب) وتوقيع الديوان المحتفى به على إيقاع الصور التذكارية.