اختتمت فعاليات «ملتقى رشيد شباري الوطني للقصاصين الشباب» في نسخته الأولى الذي نظمه الراصد الوطني للنشر والقراءة، مساء يوم السبت 12 أكتوبر 2019، برواق محمد الدريسي – طنجة، بحفل تتويج الفائزين والفائزات بـ”جائزة رشيد شباري الوطنية للقصة” في نسختها الثانية الذي نشط فقراته الفنان حمزة الدقون. واستهل بكلمة لجنة القراءة ألقاها الأستاذ عز الدين المعتصم (نيابة عن زميليه القاصة سلوى ياسين والباحث عبيد لبروزيين) أعلن فيها عن الفائزين والفائزات بالنسخة الثانية من الجائزة، قبل أن تحين لحظة تتويج بعض الفائزين الذين سجلوا حضورهم محمد العلوة (قلعة السراغنة)، خالد الهيتوت (القصر الكبير)، يوسف الغبوري (أكادير)، صفاء بوالجداد (الدار البيضاء)، إسماعيل أمحيل (تارودانت)، منال مزات (العيون الشرقية)، خولة غازي (القنيطرة). واختتم الملتقى بقراءات قصصية بمشاركة المتوجين والمتوجات بجائزة رشيد شباري الوطنية للقصة وتوقيع المجموعة القصصية مشاتل التي تضم بين دفتيها النصوص الفائزة والمنوه بها.
كما شهد الملتقى جلسة نقدية حول قصص الكاتب الراحل رشيد شباري، تخللتها كلمة للأستاذة فاطمة الزهراء المرابط (الكاتب الوطني لرونق المغرب) وللأستاذ سعيد رضواني (داعم كتاب مشاتل)، حيث افتتحت الجلسة بورقة الباحث عبيد لبروزيين (الخميسات) وسمها بـ«استراتيجية السؤال والبحث عن المعنى في قصة “برج العقرب” لرشيد شباري» تحدث فيها عن معجم القصة الذي يبرز الكثير من التيه والتخبط في عالم رحب لا أول له ولا آخر من خلال بعض الكلمات والعبارات (السديم، الغياب، ترمي بأزيائها على مقلتي..) معجم يكشف الفراغ والعمى، لكنه يكشف أيضا دهشة الاكتشاف الذي يعقبه الجهل بكل شيء، فيصبح السارد مضطرا للركض خلف المعنى مرة أخرى، المعنى هنا في هذه القصة مرتبط بفعل الزمن، لكن السارد يجده بلا جدوى، إنه القلق الوجودي الذي يرافق ذاتا تفكر باستمرار، وهكذا يصبح الزمن شيئا تافها، حيث يحاول السارد الانسلاخ منه لمواصلة البحث مرة أخرى من خلال طرح الأسئلة الوجودية التي تؤدي بالسارد إلى فراغ وجودي عميق، حيث اللازمن واللامكان واللايقين. مشيرا أن السارد في القصة يمثل حالة إنسانية فريدة، حالة تعي مصيرها في تحولات الحياة وتقلباتها، رمز للمثقف المغربي والعربي الذي ولج عالما من التناقضات التي حتمت عليه طرح أسئلة وجودية ليشكل وعيا خاصا بذاته وبالعالم الذي يعيش فيه…
وأسهمت الباحثة نادية الأزمي (طنجة) بورقة عنونتها بـ« “فاتحة” سمير شباري سؤال الوجود في ذاتٍ متصارعة»، تناولت فيها تيمة الموت التي تهيمن على القصة انطلاقا من العنوان، فالكاتب يُهيئنا كقراء لفكرة الموت التي تُشكل لديه سؤالا وجوديا، وهو المؤمن بحتمية الموت والحياة، كما تطرقت في ورقتها إلى الصراع الوجودي الذي تغذيه الأسئلة التي طرحها السارد على هواجسه، صراع ترفع الأسئلةُ الغيبية من سقفه التوتّري، مشيرة في ورقتها إلى أن الفضاء القصصي يدعم جو التوتر النفسي القائم على الصراع، ويتجلّى ذلك من خلال الثنائيات المكانية التي رسّخها النص كالجنة والنار، الحانات والصراط المستقيم؛ كما يستخدم الكاتب في عرض صراعاته الفكرة المتوترة لغة متوازنة، قدّمت حكاية غرائبية، ولكنها مقنعة، إنها واقعية اللاوقع التي تحمل تناقضاته.
أما الباحث عصام ربابي (وزان) فقد تناول في ورقته التي اختار لها عنوان «واقعية اللغة في قصة “سُرَّ منْ رَأى” لرشيد شباري»، أبعاد اللغة الواقعية في القصة، حيث وظف القاص رشيد شباري لغة عادية لا تنزاح عن الواقع واللغة المتداولة بين عامة الناس، وهي لغة تناسب طبيعة الشخصيات التي كان موفقا في اختيارها، فشخوص قصته لا يمكنهم الخوض في أنهار جزالة الألفاظ وحوارات متينة المبنى… إن لغة هؤلاء بسيطة ومتداولة، ولكنها مع ذلك معبرة وملائمة للواقع المعيش… لنتأكد في النهاية أن القاص جمع بين واقعية الشخوص وواقعية اللغة ليصور لنا واقعا لا زال إلى اليوم يبزغ في كل موسم انتخابي تتعالى فيه أصوات الأحزاب والزعماء، وتُلوّح الأيادي بغباء حاملة شعار هذا الحزب أو ذاك… حيث حاول رشيد شباري أن ينزل بلغته إلى أقصى دركات الواقع، ليؤكد أن خطابه موجه إلى كل شرائح المجتمع، وأن قضية نصه تخص كل الأطياف، وتتناول مطالب وقضايا شعبوية.
كما شارك القاص محمد سدحي بشهادة في حق المبدع الراحل رشيد شباري تحدث فيها عن علاقته الوطيدة بالراحل، مشيرا إلى مواقفه ومبادئه والمحطات الكثيرة المختلفة التي جمعت بينهما. وبعد الاستماع إلى الأوراق أعلن الأستاذ محمد الشايب (رئيس الجلسة) عن فتح باب النقاش أمام الحضور النوعي الذي ساهم بتساؤلات وشهادات حول تجربة الكاتب الراحل رشيد شباري.