في سياق الانفتاح على موضوعات أدبية مختلفة وربطها بمستويات التلقي (أي القراءة)، نظم “الراصد الوطني للنشر والقراءة” ندوة: “تقاطع الواقع والحلم في القصة المغربية”، مساء يوم السبت 19 يونيو 2021، بالمكتبة الوسائطية، بمشاركة: الباحث عز الدين المعتصم، والقاص محمد الشايب، والباحث محمد لكحال والقاصة فاطمة الزهراء المرابط، تنشيط: الكاتب سعيد موزون. وذلك في إطار أنشطة “المعرض الوطني السابع للإبداع والكتاب”.
انطلقت الندوة بورقة الباحث عز الدين المعتصم وسمها بـ«الواقع المتردي والحلم بالعالم المثالي من خلال شوارع القاص المغربي محمد الشايب»، استهلها بالحديث عن ملامح التقاطع بين الواقع والحلم، باعتبار هذه الموضوعات مفتاح الذات التي تبحث عن المجهول والمفقود من خلال رصد حركة الجسد والروح، ويتجلى ذلك بشكل واضح في عناوين القصص “شارع الحرية” و”شارع الليل” و”شارع الغريب”؛ إذ تفصح ذات المبدع عن نفسها من خلال الواقع الذي يئن من ألم العبودية رغبة منه في طلب الحرية. كما نجد القاص يحاول تجسيد الحرية في عدة فضاءات، مما يدل على التقاطع بين الواقع والحلم. وتتجلى الواقعية في المجموعة من خلال توظيف الشخصيات الواقعية التي تمتح من فضاء البادية وواقعها فضلا عن توظيف معجم واقعي بامتياز. ويبدو أن هروب القاص -حسب الباحث- من الواقع وحلمه بتنزيل القيم النبيلة يتقاطع مع رؤية العالم عند الفلاسفة مثل أفلاطون. وخلص في ختام ورقته إلى أن قصص “الشوارع” تتوزع في عالمين اثنين: أولهما عالم الواقع وما فيه من وحدة واغتراب، والثاني عالم الحلم وما تضمنه من حرية وانطلاق.
وأسهم الباحث محمد لكحال بورقة عنونها بـ«من ضيق الواقع إلى رحاب الحلم قراءة في قصص “ماذا تحكي أيها البحر…؟” لفاطمة الزهراء المرابط» تناول فيها تجليات تقاطع الواقع والحلم عبر عنوان المجموعة وعناوين بعض القصص. ثم تطرق إلى حضور الحلم في الفن القصصي باعتبار السرد يخرج الشخصية من مجالها الضيق الذي تعيشه في واقعها إلى فضاء أوسع بإقحام الحلم في الحبكة القصصية. مما يحقق أدبيتها من خلال المظاهر النصية ودفع القارئ إلى مشاركة أحاسيس الشخصية وانفعالاتها عبر خلق جملة تأويلات تجعلهما يتشاركان الحدث. كما تحدث عن جمالية الحكي وواقع الشخصية مؤكدا على أن معظم شخصيات المجموعة تعيش واقعا سماته التوتر والقلق المتواصل في رحلة بحث عن العشق الذي لا يتحقق إلا عبر الحلم. وقد استطاعت القاصة من خلال توظيف تقنية الحلم أن تخلق نوعا من الانفعال لشخصياتها، وتسهم في بناء صرحها الدلالي عبر رحلة قلق متواصل شكل هاجس العشق بؤرته الرئيسة.
وبعد الاستماع إلى الورقتين النقديتين، تناولت الكلمة القاصة فاطمة الزهراء المرابط تحدثت فيها عن المواكبة النقدية التي حظيت بها أعمالها القصصية من قبل ثلة من الباحثين والنقاد، مؤكدة على أن هذه المواكبة حفزتها على المزيد من العطاء الأدبي، ثم قرأت قصة من مجموعتها “ماذا تحكي أيها البحر…؟”، وفي السياق نفسه تحدث القاص محمد الشايب عن تجربته مع النقد ثم قرأ قصة من مجموعته “الشوارع”.
وكما جرت العادة فتح باب النقاش أمام الحضور النوعي الذي شكلت تدخلاته وأسئلته إضافة نوعية إلى الجلسة النقدية. واختتم الحفل بتوقيع أعمال القاصين محمد الشايب وفاطمة الزهراء المرابط على إيقاع الصور التذكارية.