شهد نادي ابن بطوطة بطنجة، مساء يوم السبت 30 يناير 2016، فعاليات ندوة: «آفاق الخطاب الروائي “رسائل زمن العاصفة” للكاتب عبد النور مزين نموذجا» التي نظمها “الراصد الوطني للنشر والقراءة” احتفاء برواية “رسائل زمن العاصفة” المرشحة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية (سنة 2016)، بحضور ثلة من المبدعين والمهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي.
وقد افتتح القاص محمد سدحي فعاليات الندوة بكلمة رحب فيها بالحضور النوعي الذي لبى دعوة “رونق المغرب” للاحتفاء برواية “رسائل زمن العاصفة” للكاتب المغربي عبد النور مزين، ثم تناولت الكلمة القاصة فاطمة الزهراء المرابط (باسم رونق المغرب) تحدثت فيها عن دواعي هذا الاحتفاء، كما هنأت الكاتب على هذا المنجز الروائي الذي تمكن بتميزه من الوصول إلى اللائحة الطويلة لجائزة البوكر 2016، كما شكرت كل من ساهم في إنجاح فعاليات هذه الندوة من نقاد ومنابر إعلامية ومهتمين بالإبداع المغربي، وفي كلمة باسم نادي ابن بطوطة نوه الأستاذ محمد بوزيد بتجربة “الراصد الوطني للنشر والقراءة” وهنأ بدوره الكاتب عبد النور مزين على ترشيح عمله الروائي لجائزة البوكر، مؤكدا على استعداد النادي لاستضافة مختلف التظاهرات الثقافية المماثلة.
وقد عرفت الندوة مشاركة الناقد أحمد الجرطي (القنيطرة) بورقة تحدث فيها عن القيمة الفنية والمرجعية المائزة لروائية “رسائل زمن العاصفة” ونجاعتها في تحديد شعاب الأحداث المتناثرة داخل حبكتها الروائية في ضفيرة سردية محكمة تتغيا إعادة تفكيك مرحلة دامية من تاريخ المغرب السياسي الحديث بعيدا عما هو رسمي وسلطوي ومؤسساتي. مشيرا إلى أن الرواية تسعى إلى تهشيم الطابع الروائي الكلاسيكي التقليدي للحكاية واعتماد استراتيجية جديدة في بناء الأحداث السردية والشخصيات المؤطرة داخل الرواية تكشف عما تكابده من تشظي وانسحاق وتيه. كما تحدث عن جمالية الرواية التي أغنت متخيلها الفني وشرعت منافذها الجمالية على آفاق إبداعية كشافة داخل مسار الرواية المغربية المعاصرة ومنعطفاتها القادمة.
واعتبر الروائي مصطفى الورياغلي (طنجة) خضوع أحداث الرواية وشخصياتها لحبكة دقيقة تتغيّا إثارة اهتمام القارئ وتشويقه عاملا ثانيا لنجاح الرواية، حيث تطرح منذ البداية سؤال مصير غادة الغرناط، لكن الجواب يظل منجّما في طول متن الرواية ولا يصل القارئ إلى الحقيقة إلا في الصفحة الأخيرة. وحصر العامل الثالث في كون شخصيات الرواية غير جاهزة وغير مكتملة، حيث تتشكّل صورتها في ذهن المتلقي بشكل تفاعلي تركيبي لا تظهر معه صورة الشخصية الكلية إلا بعد الانتهاء من قراءة العمل. وتعمل اللغة الشاعرية المكثفة في النص، وهي العامل الرابع، دورا أساساً في دعم عنصر التشويق وتعزيز تفاعل القارئ مع عوالم الرواية وشخصياتها.
كما شارك الناقد رشيد شباري (طنجة) بورقة تطرق فيها للحديث عن التحديد الإجناسي لرواية “رسائل زمن العاصفة” وتمردها على القواعد الروائية التقليدية، فهي تاريخية تستلهم مادتها من وقائع وأحداث عاشها المجتمع المغربي، بل إن تلك الأحداث شكلت المفاصل الرئيسة في البناء السردي العام للرواية، حيث تلعب فيها الذات الساردة المتكلمة بضمير الأنا دورا محوريا وكأنها سيرة ذاتية، لولا غياب التطابق التام بيم مؤشرات حياة المؤلف وحياة السارد في الرواية، كما أشار إلى سلطة السرد في الرواية حتى وإن اعتراه الوصف بتدخلاته الخفيفة والتداعيات الحرة الشاعرية، كأنها ارتدادات لموجات ترسم دوائر لا تكاد تتسع حتى تعود لتنكمش لتفسح المجال للمقاطع السردية الموالية كي تجثم بوطأتها الحزينة على فضاء النص عبر الاستذكار أو الاسترسال.
ثم تناول الكلمة الروائي عبد النور مزين شكر فيها “الراصد الوطني للنشر والقراءة” على هذا الاحتفاء، كما شكر الأساتذة النقاد على قراءاتهم العميقة في متن الرواية، معبرا عن سعادته بالاهتمام الذي نالته روايته “رسائل زمن العاصفة”، ثم تحدث عن تجربته الروائية التي جاءت بعد رصيد قصصي وشعري، حيث تناول فيها تجربة مناضل في صفوف الحركة الجماهيرية المغربية خلال مرحلة سنوات الجمر والرصاص، راصدا تفاصيل حياته الاجتماعية والعاطفية عبر تشعباتها المختلفة سواء بعد تجربة الاعتقال داخل الوطن أو خارجه من خلال تجربة الأندلس التي ذاق فيها أيضا مرارة السجن والضياع والتمزق النفسي، الناتجة عن ابتعاده القسري عن حبيبته غادة الغرناط.
واختتمت فعاليات الندوة بفتح باب النقاش أمام الحضور النوعي الذي ساهم في إغناء الندوة بالأفكار والتساؤلات، معبرا عن دعمه واعتزازه بهذا الإنجاز الذي يشكل إضافة نوعية للرواية المغربية.