قراءة في كتاب “النزعة الصوفية في الشعر الملحون دراسة في الرموز والدلالات” للباحث عز الدين المعتصم

محمد مسرار – باحث من بوسكورة

تمهيد

يمثل الشعر الصوفي بعدا ثابتا في الذاكرة المغربية، لما يحويه من جماليات على مستوى الشكل والمضمون، وما يحمله من ثراء وغنى كبيرين جعلا أكاديمية المملكة المغربية تهب لتدوينه وإخراجه من الكنانيش وصدور الحفاظ إلى التدوين عبر دواوين شعرية ناهزت الأحد عشر ديوانا لحد الآن، بدءا بديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي وانتهاء بديوان الشيخ أحمد السهوم، الأمر الذي جعل بعض الدارسين يعمدون إلى الاهتمام بدراسة هذا الإرث الكبير وكشف أسراره وخباياه التعبيرية والأسلوبية، من خلال تشريحه وإجلاء كنوزه، حتى يتسنى للأجيال الحالية الاطلاع عليه والإسهام في المحافظة عليه، وتسليمه للأجيال القادمة كاملا غير منقوص؛ وقد واكبت ظهور هذه الدواوين مجموعة من الدراسات الأكاديمية والأطاريح الجامعية، لعل أبرزها دراسة عز الدين المعتصم الموسومة ب”النزعة الصوفية في الشعر الملحون المغربي، دراسة في الرموز والدلالات”،(1) الصادرة عن الراصد الوطني للنشر والقراءة، التي اشتغلت على هذا النوع من الشعر اشتغالا موسوعيا، من حيث الكم إذ قاربت بعشرة دواوين كاملة، وهي التي كانت صدرت وقت الدارسة، إذ إن الديوان الحادي عشر طبع بعد صدورها، أو من حيث الكيف إذ تناولت هذا الشعر تناولا غير مسبوق بإثارة مسألة الرموز والدلالات في النزعة الصوفية فيه، ونحن في هذا المقال سنحاول قراءة الدراسة من خلال مجموعة من التمفصلات، لأنها دراسة نقدية غنية ذات مقاربة موضوعية، تُعنى بالتصوف والشعر الملحون عناية كبرى باعتبارهما مجالين كبيرين في الفكر والتصور والممارسة، ولما لهما من أصول وفروع عملت على التعاطي معهما تعاطيا موسوعيا وشموليا، والاشتغال على التيمة الكبرى المتضمنة فيهما. ونحن سنحاول في هذه القراءة أن نقارب هذا الدراسة من عدة زوايا منها:

 

1- عتبة العنوان:

تبدأ كينونة النص وهويته انطلاقا من عنوانه، وهذا ما يبرزه جيرار جينيت في كتابه “عتبات”،(2) أو هو “أول ما يوجه المتلقي للنص”،(3) وهو أكثر العتبات التي لقيت اهتماما في الدراسات النقدية، كونه نصا موازيا، ويحيل في الآن نفسه على النص الأصلي، ويمتلك العنوان مجالا دلاليا خاصا قد يسهم في فهم النص أو وضع فرضية قراءته أو إقامة علاقة بين دلالته ودلالة النص ككل؛ وعنوان هذه الدراسة النقدي “النزعة الصوفية في الشعر الملحون المغربي، دراسة في الرموز والدلالات” يضع المتلقي أمام عدة فرضيات تتعلق بالنزعة الصوفية، والشعر الملحون، وأهم الرموز الموظفة في هذا الشعر، ثم دلالاتها، يتشكل من عنوان رئيسي “النزعة الصوفية في الشعر الملحون المغربي” يحيل على مجال الاشتغال ومتنه الشعري اللهجي، وكذا الجهاز المفاهيمي للدراسة، وعنوان فرعي “دراسة في الرموز والدلالات” يحيل على رصد جماليات النزعة الصوفية في الشعر الملحون من خلال تحديد أهم الصور الرمزية، والتعالقات الإشارية الإشراقية للخروج بدلالات تسهم في فهم ما خفي من الشعر الملحون في بعده الصوفي، وبذلك، فالعنوان يثير في المتلقي الرغبة في قراءة الدراسة، والانفتاح على العالم الصوفي من خلال شعراء الملحون المغربي وأشياخه، ذلك العالم الذي تكشف عنه كشفا يتجاوز الدلالات الحرفية للبحث في الرموز المخبوءة واستلهام بعض دلالاتها.

 

2- مقدمة الدراسة

جعل الناقد عز الدين المعتصم مقدمة دراسته خارطة طريق يستكشف المتلقي من خلالها أهم دروب الدراسة وأهم تمفصلاتها، بدءا من الحسم في الجدل الدائر بين النقاد بخصوص الظاهرة الصوفية واتصالها بالظاهرة الأدبية؛ ومرورا بتحديد المتن الشعري المؤلف من دواوين شعرية صادرة عن أكاديمية المملكة المغربية بدءا من ديوان عبد العزيز المغراوي (2006) وانتهاء بديوان محمد بن علي المسفيوي الدمناتي (2016) وهو تحديد يجلي “الصورة العامة والخاصة عن التراث الشعري الشفهي المغربي، لأنها تفتح الأبواب أمام الظواهر الأدبية التي تحتاج إلى دراسة وتحليل”؛(4) هذا التحديد الذي سيقاربه الناقد من خلال مقاربة موضوعاتية تنطلق من القراءات الصغرى نحوى القراءة الكبرى، حيث يتم تفكيك النص إلى تيمات وحقول صغرى تخدم التيمة الكبرى؛ ليختم عز الدين المعتصم مقدمته بحديث مختصر عن فصول دراسته الثلاثة: “حول الخطاب الصوفي”، “جمالية الخطاب الصوفي في الشعر الملحون”، “تجليات النزعة الصوفية في الشعر الملحون”، والمقاربة الموضوعاتية التي تم الاعتماد عليها في سبر أغوار الشعر الملحون المغربي ذي النزعة الصوفية.

 

3- حول الخطاب الصوفي

يعد الخطاب مادة لغوية على وزن “فِعال” مشتقة بالتحويل عن الفعل الثلاثي “خَطَبَ”، وقد ورد لفظ الخطاب في القرآن الكريم بصيغة المصدر، وصيغة الفعل، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: “وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب” (5) وقوله عز وجل: “ولا تخاطبني في الذين ظلموا، إنهم مغرقون”.(6) قال الزمخشري: “فمعنى فصل الخطاب: البين من الكلام الملخص الذي يتبينه من يخاطب به لا يلتبس عليه”،(7) ويعرف ميشيل فوكو الخطاب بأنه “أحيانا يعني الميدان العام لمجموعة المنطوقات، وأحيانا أخرى مجموعة متميزة من المنطوقات، وأحيانا ثالثة ممارسة لها قواعدها، تدل دلالة وصف على عدد معين من المنطوقات وتشير إليها”،(8) وقد أكد عز الدين المعتصم في الفصل الأول من دراسته -بعد تحديد الخطاب لغة واصطلاحا، قديما وحديثا- أن الخطاب يعد مصطلحا ذا تعريفات متعددة بحسب تعدد الحقول المعرفية المتعاطية معه، “إذ هو المصطلح الذي نشعر بابتعادنا عن كنهه كلما حاولنا الاقتراب منه وتعريفه”،(9) وقد حاول تعريفه تعريفا دقيقا وتمييزه عن مصطلح قريب منه هو النص، لينتقل إلى تحديد مستويات تحليل الخطاب: القراءة، الفهم، التفسير، والتأويل، مميزا بينها ومبرزا أهم ضوابطها ومرجعياتها.

بعد هذا الفرش النظري لمفهومي الخطاب والنص ينتقل الناقد بعد ذلك إلى تحديد مفهوم التصوف لغة واصطلاحا، إذ إن هناك اختلافا بين الباحثين في تحديد مفهوم التصوف بحسب الاختلاف في المرجع الذي ترجع إليه كلمة صوفي، ونؤثر في ذلك تفصيل ليلى بنت عبد الله (10) التي أبرزت أن هذه الكلمة ترجع إما إلى أهل الصُّفة، والصوف، وصوفيا، والصَّف، كما آثر الناقد تفصيل الحسن شاهدي.(11)

بعد التأصيل النظري للفظة تصوف، ومحاولة الحسم في مرجعيتها الفكرية وجذرها اللغوي، يبرز الناقد مراحله الكبرى والتي جعلها أربع مراحل وهي مرحلة الزهد، ومرحلة التصوف السني، ومرحلة التصوف الفلسفي ثم مرحلة التصوف المذهبي أو الطرقي؛ لينتقل بعد هذا إلى تعريف الشعر الصوفي تعريفا مفصلا، ويبرز كيف مزج شعراء الملحون الصوفي بين السلوك والإبداع “فأصبح الشعر عندهم تجربة ثانية مرادفة لتجربة التصوف”،(12) ليتوسع في ذكر أغراض الشعر الصوفي من حب إلهي، ومديح نبوي، وتوسل واستغاثة، معطيا أسباب هذا التوجه في الشعر الصوفي عامة والملحون خاصة، وقد أظهر في خضم ذلك سؤال التلقي في هذا الشعر الأصيل الذي استطاع شعراؤه التأثير في المتلقي بالنفَس الإشاري الرمزي، ما يؤكد ضرورة استحضار الشاعر للمتلقي لإنتاج النص.

إن الناقد عز الدين المعتصم جعل من دراسته لمفاهيم الخطاب، النص، الشعر والتصوف قنطرة للغوص في ظاهرة التصوف في الشعر الملحون لا من حيث التأريخ لها لأن ذلك موجود في أعمال المرحوم محمد الفاسي وعباس الجراري وعبد العزيز اعمار وعبد الوهاب الفيلالي وغيرهم، بل من خلال رصد هذه الظاهرة وإضاءة مقاصدها من خلال الشعر الملحون المغربي ذي النزعة الصوفية تعريفا وتسميات وتأصيلا وإنتاجا وتلقيا، واضعا بصمته المميزة له، والتي سيستلهم بها بعضا من جمالية الخطاب الصوفي في الشعر الملحون.

4- جمالية الخطاب الصوفي في الشعر الملحون

إن الشعر الملحون شعر شفهي في الأصل، كان يلقى في المجالس والحوانيت والأسواق وغيرها، وقد انتقل من الشفهية إلى التدوين، وهو انتقال يجعل منه شعرا خاصا ينبغي للمتعاطين معه استحضار هذه العمليات وأثرها على المتلقين المتتابعين لنصوصه، وقد كان هناك خلاف في أصل تسميته، كما عرف تسميات أخرى تواضع عليها أشياخ الملحون، وأطلقوها على أشعارهم ونظمهم، وهي تسميات تتعدد وتتنوع، لكنها تلامس هذا الشعر الشفهي الأصيل بوجه من الوجوه؛ وإذ إنه شعر يعتبر “ديوان المغاربة وذاكرتهم المغناة”،(13) وشعراؤه كانوا صلة وصل بين العامة والخاصة، وكانوا ذوي ثقافة شعبية تمتح من مصادر مختلفة، حيث يستطيعون رغم أميتهم “أن ينسجوا كلاما رفيعا يبثون عبره شبكة مشدودة من العلاقات والقيم والممارسات. ويتم من مجموعه الاستخبار عن “رغبة الوجود” و”قدرة القول” و”معرفة الفعل” لدى جماعة تلفها لغة اليومي في خطابات لا يمكن إرجاعها إلى الخيال فقط”،(14) شعر له لغته التي “لا يقتصر حضورها واشتغالها على توصيف وضعيات(…) ولكنها تشتغل كخطاب محمل بدلالات متعددة”.(15)

إن شعراء الملحون وأشياخه جمعوا ثقافة شعبية من مشارب متعددة، واستطاعوا من خلالها توظيف مجموعة من الرموز التي كانت توظف في الشعر بالعربية المعيار من قبيل الرمز العذري الأنثوي مع جميل بن معمر وقيس بن الملوح، والرمز الخمري الذي كان تيمة أساسية في الشعر المعياري، له رواده وشعراؤه الذين برعوا في وصف الخمرة والتلذذ بها والاستمتاع بشربها وبسماع ذكرها؛ كانت من مقدمات الشعر المعياري القديم إلى جانب الغزل، له رواده كابن حمديس وعمرو بن كلثوم وأبي نواس، وقد انتقلت الخمريات إلى مجموعة من الأنواع الشعرية على رأسها الشعر الصوفي، الذي استعار معجم الخمرة للدلالة على الانتشاء الإلهي، والسكرة الروحية التي يجدها الصوفي في مقاربته لجمال الموجودات ومكنونها، وربطها بأصل الجمال والكمال الإلهييْن. يقول ابن الفارض:

شربنا على ذكر الحبيب مدامة          سكرنا بها من قبل أن يخلق الكـرم

لها البدر كأس وهي شمس يديرهـا       هلال وكم يبـدو إذا مزجـت نجـم(16)

ولا ينبغي اعتبار الخمريات في الشعر نمطا واحدا يجنح إلى الخمرة المادية الفانية، بل ينبغي أن يفرق الباحث بين القصائد الخمرية العادية والقصائد التي تتخذ الخمرة رمزا ومطية للاتصال بالعوالم العليا والأسرار الخفية، حيث تظهر لغة الخمريين الرمزية، بعد إذ أشربت طابع الرمز العرفاني، في أبيات منسوبة لِأبي منصور الحلاج، ليلة التمثيل به وقتله، وقد ذكرها عبد الوهاب الشعراني في الطبقات الكبرى، حيث يقول:

                نديمي غير منســـوب             إلى شيء من الحــــيـــفِ         

                سقاني مثلما يشــــرب            كفعل الضيف بالضــــــيف

                فــلما دارت الكاســات            دعا بالنــــطع والســـــــيـــف         

                كذا من يشرب الـراح             مع التّنّين فــــي الصيف (17)

وغير بعيد عن الشعر بالعربية المعيار، نجد شعراء الملحون الكبار من أمثال “الشيخ الجيلالي، والشيخ التهامي المدغري، والشيخ عبد القادر العلمي، والحاج إدريس بن علي السناني الملقب بالحنش وغيرهم كثير، نظموا في تيمة الخمريات، وإن بأسماء مختلفة ومتعددة من قبيل: الدالية، الكاس، الساقي، الخمارة …” ،(18) حيث برعوا في وصف الخمرة وكرمتها، والنشوة التي يجدها الشارب لها، سواء كان شربه حقيقية أو ذوقا، وجعلوا المتلقي ينتشي هو الآخر بجمالية الوصف وبراعة التعبير. يقول عبد القادر العلمي:

كب الصهبا الخارقا       من كيسان لبنادقا            من زاج بلاد العــــراق

تظهر خمرا بارقــــا        فالأوانــــي شــــــارقا           كلون اسحيق الرهاق (19)

وقد أبرز الناقد المغربي عز الدين المعتصم في الفصل الثاني من دراسته جمالية الخطاب الصوفي في الشعر الملحون من خلال جمالية الرمز الصوفي، حيث حدد في البداية مفهوم الرمز، ليبرز إلى جانب الرمزين الأنثوي والخمري رمزا ثالثا هو الرمز الطبيعي، وليفصل في مرجعيات كل رمز وأصوله، مبتدئا بالرمز الأنثوي وتأثره بظاهرة الغزل بشقيها الحسي والعذري، لافتا الانتباه إلى استثمارهما معا في الشعر الملحون الصوفي من طرف شعراء معروفين مثل عبد القادر العلمي والتهامي المدغري…، ومفصلا القول في اتخاذ الأنثى رمزا للجمال والقرب والحب الإلهي، باعتباره رمز الجمال المطلق “وحين يبثها الشاعر وجده، فإنما يعبر في الحقيقة عن رمزيتها إلى الحق والجمال”،(20) مثنيا بالرمز الخمري الذي يسعف الشعراء في ترجمة مشاعرهم وأحاسيسهم الباطنية، ووصف حالة الانتشاء التي يستمدونها من تلك الخمرة الأزلية الخالدة، فتتحول “المعاني الحسية إلى وسائط رامزة للمقصد الروحاني، ويظل الشاعر الصوفي متلهفا، دوما، إلى برهة ديمومة الانتشاء الروحي، تعلقا وشوقا وتشوفا إلى من ترمز له الخمرة الأزلية”،(21) فيحس الشاعر بالنشوة التي تنجم عن شدة الوجد فيعبر بها باستخدام مجموعة من المصطلحات انتقاها الناقد بعناية كالراح والساقي والخمرة والكأس والرحيق والكرم وغيرها، مبرزا استعمالاتها في الشعر الملحون الصوفي، ومؤكدا على اندماج الرمزين الأنثوي والخمري باعتبار أن الخمرة الصوفية رمز للحب الإلهي، وليختم الناقد بالرمز الثالث بعد الرمزين الأولين “الأنثوي والخمري” وهو الرمز الطبيعي الذي نهل منه شعراء الملحون بما “يلائم الذوق التعبيري الرفيع، ويتماشى مع التركيب النفسي والشعري والوجداني لدى الشاعر”،(22) وقد راح الشعراء الصوفية في الشعر الملحون يتغنون بالطبيعة ومكوناتها، لما ثبت لديهم من أنها قادرة على التعبير عن مواجيدهم ورؤاهم، حتى صار الحب لديهم “لغة كونية لا فصل فيها بين أحاسيس الإنسان ومشاعر الطبيعة.

إن الناقد وهو يحلل الرموز الثلاثة التي أفاد منها الشاعر الصوفي في الشعر الملحون كان واعيا بخصوصية هذا الشاعر الذي يدمج بين تجربته من جهة ويعبر عن هذه التجربة من جهة ثانية دمجا يختلف تمام الاختلاف عن الشاعر باللغة العربية المعيار الذي يكتفي بالتعبير عن تلك الرموز تعبيرا عاما قد لا يكون مسبوقا بتجربة ما، فشاعر الملحون اعتبر أن الأنثى لا يمكن أن تنفصل عن حبه الإلهي، واعتبر الخمرة طريقا لانتشائه وسبيلا لوصوله، واعتبر مكونات الطبيعة رمزا إلى الحضرة الإلهية بما تتضمنه من الأسماء المقدسة، وبه فإن التجربة الصوفية عند شاعر الملحون الصوفي تتداخل مع التجربة الإبداعية، ولا يمكن الفصل بينهما.

وبعد الحديث المستفيض عن الرموز ينتقل الناقد إلى الحديث عن جمالية الصورة الشعرية مفصلا القول فيها، ومتحدثا عن التشبيه والاستعارة والكناية، مع إعطاء نماذج حية من الشعر الملحون، من قبيل قول عبد القادر العلمي:

نرجاه كيف يرجى الراحة المريض

أو عطشان إيراجي الفيض       إلى اشرب اروى يشفي الغيض (23)

لينتقل بالقارئ إلى أنواع المعاجم ودلالاتها من معجم عاطفي يرنو إلى إشراك المتلقي في الأحاسيس والمشاعر، ومعجم ديني يرتبط بالمديح النبوي والتوسل والاستغاثة والتصليات وغيرها، وحتى تكون رؤية الناقد لجمالية الخطاب متكاملة ختم هذا الفصل ببلاغة التكرار وأثرها في الدلالات الرمزية والإشارية من حيث تكرار الأصوات والألفاظ والعبارات والجناس والطباق.

إن تعاطي الناقد مع هذا الفصل كان تعاطي موسوعيا أبرز من خلاله كل ما يتعلق بالرمز وجمالياته ودلالاته، كما أبرز جمالية الصور الشعرية وما تنقسم إليه من أركان ووظائف، وما تشتمل عليه من معاجم وحقول، وما يؤسس له التكرار من بلاغة.

 

5- تجليات النزعة الصوفية في الشعر الملحون

يختم عز الدين المعتصم  هذه الدراسة بفصل ثالث يتحدث فيه عن تجليات النزعة الصوفية في الشعر الملحون باستثمار التيمة الكبرى للشعر الصوفي وهي تيمة الحب الإلهي من خلال تيمات صغرى تتعلق بالحب والخمرة الصوفية وتمثلات الطبيعة والمدح، وذلك ربطا للاحق بالسابق ربطا تفصيليا وتأثيليا، لما لمسه من اعتبار شعراء الملحون تيمة الحب الإلهي أعظم أبواب التصوف في خطابهم الشعري، فقد “عطروها بنفحات روحية وساقوها في قالب غزلي، نلتمس فيه حذق عاطفة الحب الإنساني التي حولوها إلى معان علوية، ليسيروا في ركاب أصحاب الأذواق”.(24)

لا غرابة، إذاً، أن تهيمن عليه تيمة كبرى هي تيمة الحب الإلهي مع تيمات صغرى منها الخمرة الصوفية التي تصل بالصوفي إلى الانتشاء وتغذي تجربته السلوكية بما يتنافى والسكر الظاهري، مستثمرا ثنائيات السكر/الصحو، الغيبة/ الحضور، الظلمة/النور، الستر /التجلي، ما يعبر عن أحواله في سلوكه إلى الله، وهي ثنائيات تقتضي ما وراء الأشياء، وهي مهمة لإعادة قراءة النصوص بطريقة كشفية، وقد أشار أحمد الصادقي إلى أن أهمية البحث في موضوع الثنائيات تكمن في سعيه إلى الكشف عن حقيقة الوجود، ليس انطلاقا من المعرفة التي يحملها الإنسان عن الموجودات، بل انطلاقا من اعتباره حقيقة نورانية كحقيقة محتجبة في الموجودات والظواهر.(25)

ومنها تيمة الطبيعة التي تأخذ علاقتها بالحب الإلهي من كون الارتباط بالطبيعة عندهم ارتباط بالذات الإلهية و “من ثم فإن حب الطبيعة هو عبادة للسر الإلهي، وليس فقط تعلقا روحانيا أو انفعالا عارضا”،(26) حيث نلاحظ أن الناقد لم يقدم مكونات الطبيعة ظاهريا بل متح من رمزيتها لاستكناه دلالات ذلك في ارتباطه بالحب الإلهي؛ ومنها تيمة المديح التي تحفل بمدح النبي صلى الله عليه وسلم ومدح أقطاب التصوف والأولياء، مدحا يبرز المحبة والشوق ويتسم بصدق العواطف وشدة التعلق بالممدوح الذي هو باب الوصول إلى الله، ويكون ذلك بالغزل الذي ينبغي أن يكون مناسبا للمقام النبوي أصلا أو مقام الولي قياسا، ولعل هذا ما ذهب إليه أحمد الطريبق حين أكد أن “الغزل الذي يصدر به المديح النبوي، يتعين على الناظم أن يحتشم فيه ويتأدب”.(27)

إن تجربة الصوفي مع الرموز يراها عبد الوهاب الفيلالي “مأوى لتجربة روحية ذوقية، ولطموح صوفي يسمو على المظهر العادي المدنس إلى الباطن الروحي المقدس، المتجلي في وصال الحق، والنعيم بصفاء الحياة الصوفية، ورؤية نوره سبحانه بعين البصيرة، رؤية ذوقية قلبية، تفاعلت في بنائها عناصر الطبيعة بأشجارها وأزهارها وأطيارها، وليلها وفجرها ونهارها، والسكر بخمره وأوانيها المتميزة، ومجالسه وطقوسه التي تتفاعل فيها المرأة الجميلة والموسيقى والطرب واللهو والزهو”.(28)

إن الشعر الملحون الصوفي كان بوابة الصوفية لنشر مبادئهم وطرقهم للوصول إلى المورد الأول، وربط المريد بالنداء الأعظم: “أ لست بربكم؟ قالوا بلى”،(29) وبالتالي فقد انتشر انتشارا كبيرا، وتناول تيمات متعددة من غزل وخمرة وطبيعة ومديح، وكلها تخدم تيمة الحب الإلهي بأسلوب رمزي مغرق في الإشارة، لكنه غني يكشف موهبة الشعراء في النظم المتعلق بالحال من جهة، والسلوك إلى الذات الإلهية التي يدل عليها كل شيء جميل في هذا الكون من جهة ثانية.

 

6- تيمة الحب في أدبيات التصوف

تعد تيمة الحب مقولة أساسية وموضوعة كبرى في أدبيات التصوف، سواء كان نثرا أو شعرا بالعربية المعيار أو شعرا ملحونا، ويكفي الباحث النظر في إنتاجات الصوفية الكثيرة للخروج بهذه الفكرة، وهي تيمة تحمل في طياتها رمزا صوفيا خالصا يتقاطع مع تيمات أخرى تحمل في طياتها رموزا، ويكفي أن نمثل لدلالة الرمز الخمري على الحب الإلهي بما أورده القشيري حكاية عن أبي يزيد البسطامي، أنه سمع الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، يقول: سمعت ابن عبيد يقول: “كتب يحيى بن معاذ إلى أبي يزيد: سكرت من كثرة ما شربت من كأس محبته. فكتب إليه أبو يزيد: غيرك شرب بحور السماوات والأرض، وما روي بعد، ولسانه خارج يقول: هل من مزيد؟ وأنشدوا:

    شربت الحب كأسا بعد كأس              فما نفد الشراب ولا رويت“(30)

كما نجد أن الحلاج في التعبير عن العشق الإلهي وما يجره على صاحبه من عذاب قاتل لا يخفي قلقه من هذه المفارقة المثيرة للجدل، لكنه يصبر على كل ذلك العذاب ويحتسبه في سبيل الوصول إلى المحبوب. يقول:

سكرت من المعنى الذي هو طيب       ولكن سكري بالمـــــحبة أعجــــــب

وما كل ســـــــــكران يحـــــد بواجــــب        ففي الحـــــــــــب سكران ولا يتأدب

تقوم الســكارى عن ثمانين جــلدة        صحـــــاة وسكران المحبة يصلب(31)

وأبيات شرف الدين عمر بن الفارض؛ التي أشرنا إليها سابقا في قصيدته الشهيرة التي عرفت باسم الخمرية؛ تعد بحق نموذجا لاكتمال الرمز الخمري في الشعر الصوفي ودلالته على الحب الإلهي:

               شـربنا عـلى ذكـر الحبيب مــــدامـــــة          سـكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
لـها  البدر كأس وهي شمس يديرها          هـلال وكـم يـبدو إذا مزجـــــــت نجم
ولـولا  شـذاها مـا اهتــــديت لحــــانها          ولـولا ســــــناها مـا تصورها الوهم (32)  

وعند محي الدين بن عربي شيخ الصوفي الأكبر فإن الحب دين يختزل تحته كل شيء جميل في هذا الوجود. يقول:

ومن عجب الأشياء ظبي مبرقع           يشير بعناب، ويومــــــــــي بأجفان
ومرعاه ما بين الترائب والحـــشا           ويا عجبا من روضة وسط نيران
لقد صار قلــــبي قابلاً كل صورة           فمرعى لغزلان وديـــــر لرهـــــــــبان
وبيت لأوثان وكــــــعبة طـــــــائف            وألواح توراة ومصـــــحف قــــرآن
أدين بدين الحب أنى توجهـــــت            ركائبه، فالحب ديني وإيمــــاني (33)

وعند جبران خليل جبران فالحب يغير العوالم ويسمو بالنفس الإنسانية. يقول: “الحب أعتق لساني فتكلمت، ومزق أجفاني فبكيت، وفتح حنجرتي فتنهدت وشكوت”.(34)

وعند شعراء الملحون نجد أن الحب تيمة كبرى يصل بها الشاعر إلى القرب والوصال بالمحبوب بعد البُعد والفراق، ففي قصيدة “حبيبة 2” للحنش يبرز ما فعله به البعد، لكن رغم ذلك فهو باق على الحب. يقول:

دون عطــــــــــــــــفك ما كـــــــــــــــــــــــــــان اطبيب

ابغيتك تعطف لي واتجود في اوقات اقريبة

ابغيتــــــــــــك تخــــــــــــــــرق كل احـــــــــــــــجوب

الحبــــــــــــــــيب ايفـــــــــــــــاگد الحــــــــــــــــــــــبيب

فاگدني تسهال مع الوصال كل اصعيبة

 غيـــــــــــــر هذا المــــــــــــــرة وانـــــــــــــــتــــــوب (35)

وعند عبد القادر العلمي نجد الحب مفتاحا للوصول إلى القرب الذي لا يساويه شيء في هذه الدنيا الفانية، والوصول إلى ذات المحبوب ولو بعد معاناة ومكابدة. يقول:

اطيب من كل طيب واحلى من المصال
واصفى من لون ما تشبهه في التمــتال
  ولطف ونعم و لد من زنجبيلة
دمعي من عين دات بالحب انحيلة (36)

مما سبق، يمكننا القول إن الحب في الشعر الصوفي محرك ودافع أساسي، يحرك الذات ويدفعها للصبر على المعاناة في سبيل القرب من الذات الإلهية عن طريق جملة من الأحوال التي تنتاب السالك أثناء سلوكه إما عذابا (الرمز الأنثوي) أو انتشاء (الرمز الخمري) أو انزواء (الرمز الطبيعي)، ما يدل على العلاقة الوثيقة بين أحوال الشاعر الصوفي وبين غايته العظمى، ألا وهي الوصول إلى الذات الإلهية والقرب منها، وأن دلالات تلك الرموز إما تحيل على الحب الإلهي (التيمة الكبرى) أو الخمرة الصوفية أو تمثلات الطبيعة أو المدح (التيمات الصغرى).

 

خاتمة

نستخلص من قراءتنا المتواضعة لهذا الكتاب الغني من حيث موضوعاته ومحاوره، والمنظم من حيث تصميمه ومنهجه أن الباحث عز الدين المعتصم كان واعيا كل الوعي بطريقة تعاطي شعراء الملحون المغربي ذوي النزعة الصوفية مع الرموز، كما كان ملما بأهم دلالاتها ومعانيها، ولا يفوتنا أن ننوه بحسن التدرج والتمفصل في الموضوع، حيث ابتدأ في الفصل الأول بالجهازين المفاهيمي والمرجعي، ليمر في الفصل الثاني إلى إبراز أهم الرموز الموظفة في المتن الشعري المختار، وليختم بالفصل الثالث بإعطاء دلالات تلك الرموز وخدمتها لتيمة الحب الإلهي، ولذلك كان اختيار الناقد للعنوان اختيارا موفقا وتعاطيه مع الموضوع تعاطيا منهجيا من بداية الكتاب وإلى نهايته.

وقبل إنهاء هذه القراءة ينبغي أن نشير إلى أهم النتائج المستنبطة منها من قبيل:

  • أن التيمة الأهم في الشعر الملحون هي تيمة الحب الإلهي، وكل التيمات الأخرى تابعة لها وتدور في فلكها؛
  • أن التفريق في قصائد الشعر الملحون بين مستوى الظاهر الذي يفضي إلى التغزل بالجسد الأنثوي والمستوى الباطن الذي يرمز إلى التعلق بالذات الإلهية ومحاولة القرب منها؛
  • ضرورة التفريق في الشعر الملحون بين القصائد التي تجعل الخمريات ذات بعد رمزي وبين التي تعبر عن بعدها العادي؛
  • أن أغلب شعراء الملحون خصوا الطبيعة بقصائد مطولة تدخل فيما يسمى بالربيعيات، حيث يصفونها ويبرزون تجلياتها لأنها تمثل سمو الفضاء الذي لا يتحقق إلا بالقرب من المحبوب؛
  • أن الجمع بين الغزل والخمريات ووصف الطبيعة موجود في الشعر الملحون في قصائد مسماة بالتصليات والربيعيات أو العشاقيات.
  • أن لشاعر الملحون ثقافة شعبية تمتح من مصادر مختلفة، وعندما ينظم القصائد يكون واعيا بالرموز التي يستخدمها؛
  • أن قصائد الشعر الملحون قصائد غنية بالرموز وتحتاج قارئا خبيرا لاستلهام الدلالات المبثوتة فيها؛
  • أن أغلب شعراء الملحون ذوي النزعة الصوفية جمعوا بين التجربة الصوفية والتجربة الإبداعية حيث يصعب الفصل بين التجربتين.

هوامش:

(1) عز الدين المعتصم: النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، دراسة في الرموز والدلالات، الراصد الوطني للنشر والقراءة، طنجة، ط.1، 2019

(2)  Voir: Gérard Genette: Seuils, Edition du seuil, 1987, Coll. Point/Essais N 474, p.80

(3) ينظر: صبحي إبراهيم الفقي: علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق، دراسة تطبيقية على السور المكية، دار قباء للطباعة، ط.1، القاهرة، 2000، ج. 1، ص. 61

(4) عز الدين المعتصم: النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، ص. 6

(5) سورة صاد، الآية: 20

(6) سورة هود، الآية: 37

(7)  محمود بن عمر الزمخشري: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، مكتبة العبيكان، الرياض، ج. 5، ص. 251

(8) ميشيل فوكو: حفريات المعرفة، ت. سالم يفوت، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1968، ص. 70، ورد عند عز الدين المعتصم: النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، ص. 20

(9) عز الدين المعتصم: النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، 17

(10) ليلى بنت عبد الله: الصوفية عقيدة وأهداف، دار الوطن للنشر، الرياض، ط. الأولى 1410هـ، ص 18 وما بعدها

(11) الحسن شاهدي: التصوف والأدب الصوفي، مطبعة الأمنية، الرباط، 2006، ص. 10

(12) عز الدين المعتصم: النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، ص. 53

(13) عبد العزيز اعمار: اللغية التقنية العادية الخاصة بالعمارة التقليدية من خلال الشعر الملحون، ضمن: معجم معاجم ديوان الملحون، ع.7، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2019، ج.1، ص. 23

(14) عبد العزيز أعمار: اللغية التقنية العادية الخاصة بالعمارة التقليدية من خلال الشعر الملحون، مرجع سابق، ص. 26-27

(15) حنان بندحمان، اللغية التقنية في القصيدة الزجلية بين اليومي والتشكيل المجازي، ضمن:

Les technolectes/Langues spécialisées en contexte plurilingue, publication de laboratoire Langage et société,Kénitra, 2014 p. 23

(16) عمر بن علي بن الفارض، الديوان، ت. درويش الجويدي، المكتبة العصرية، بيروت، 2008م، ص.5

(17) عبد الوهاب الشعراني، الطبقات الكبرى، المسمى لواقح الأنوار القدسية في مناقب العلماء والصوفية، تحقيق أحمد عبد الرحيم السايح وتوفيق علي وهبة، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2005، ج1، ص. 196

(18) محمد الفاسي، معلمة الملحون، القسم الأول من الجزء الأول، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، 1406هـ، 1986م، ص. 30

(19) عبد الوهاب الفيلالي، الملحون في المغرب – قيمته الفنية وبعض آفاق اشتغاله، مجلة فكر ونقد، الرباط، ملف العدد: الملحون، العدد 59/60 ماي-يونيو 2004، ص. 50 – 51.

(20) عز الدين المعتصم، النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، ص. 89

(21) نفسه، ص. 107

(22) نفسه، ص. 115

(23) عبد القادر العلمي، الديوان، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة تراث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2009، ص. 376

(24) عز الدين المعتصم، النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، ص. 250

(25) للتوسع في المسألة ينظر: أحمد الصادقي، حضور الغياب في صوفية ابن عربي، دار الحوار للنشر والتوزيع، ط. 1، اللاذقية- سوريا، 2009

(26) عز الدين المعتصم، النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب، مرجع سابق، ص. 213

(27) أحمد الطريبق: الخطاب الصوفي في الأدب المغربي على عهد السلطان المولى إسماعيل (الرسائل، الشعر) ج.2، منشورات سليكي إخوان، طنجة، 2008، ص.605

(28) عبد الوهاب الفيلالي: الملحون في المغرب، ضمن مجلة فكر ونقد، مرجع سابق، ص. 49

(29) سورة الأعراف، الآية: 172

(30)  عبد الكريم القشيري، الرسالة القشيرية، دار الشعب، القاهرة، 1989، ص. 251-252

(31) كامل مصطفى الشبلي، شرح ديوان الحلاج، مكتبة النهضة، بيروت، ص. 332

(32)  عمر بن علي بن الفارض، الديوان، مرجع سابق، ص.191

(33) محي الدين بن عربي: ديوان ترجمان الأشواق، عبد الرحمن المصطاوي، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط.1، 2005، ص. 61-62

(34) جبران خليل جبران: الأجنحة المتكسرة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، مصر، 2012، ص. 12

(35) السناني، إدريس بن علي، المعروف بالحنش، الديوان، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة تراث، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012، ص. 175

(36) عبد القادر العلمي، الديوان، مرجع سابق، ص. 107

عن الراصد الوطني للنشر والقراءة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *